Dior 99
المساهمات : 106 تاريخ التسجيل : 23/05/2008 الموقع : =========
| موضوع: عطر التراب الجمعة مايو 23, 2008 11:54 pm | |
| عطر التراب ألم ، يأس و خوف .. في هذه الكلمات الثلاثة قفط تجتمع كل المعاني ، لتصف حياتي بإختصار .. ! ، حياتي التي أهرب منها و أنا غارقة فيها ، بعد أن نضب معنى الأمان في صفحاتها ..
قصتي .. تلك القصة التي إفتقدت نقطة النهاية بين سطورها ، لأن الألم المسكوب على هذه الصفحات خالد لا ينتهي ، و الخوف الذي يتوارى خلف تلك الحروف نهر لا يجف ماؤه ، و قلم لا ينتهي مداده ، و سطر لم تكتب له نهاية .. !
بدأ كل شيء قبل بضع أشهر سئمت عدها ، حين كانت الشمس ما تزال تشرق على بيتنا الجميل الذي يتوارى خلف أشجار الكرز و غصون الزيتون . هناك ، عشت أجمل أيام حياتي ، تلك التي أمضيتها في أحضان أمي و أبي و أخوتي الذين زينّوا لي حياتي . و على صفحات حياتنا البيضاء ، رسمنا أحلامنا و لونّا آمالنا ، لتداعبها خيوط شمس الأصيل الذهبية ، و يعطّرها شذى عبير نسيم الفجر العليل . لكَم كنا نستقبل كل نهار ببسمة و ضحكة ملؤها الأمل و الفرحة ، و بأيادينا الصغيرة أستطعنا أن نطال النجوم ، و نسابق الغيوم . و لكم شدونا و تسابقنا على هذه المروج الغنّاء المرصعة بالزهور ، لتزين ضحكاتنا أريج الورود اليانعة ، لنُسطر بعبق تلك الأماني ذكريات لم تمحها قساوة الزمن و مرارة الأيام . و لكن ، إعتاد قلبي أن تضن علي حياتي و لو حتى بلحظة سعادة مسروقة ، فلم أهنأ بحياتي تلك طويلا ، لتسلب مني هنائي و بسمتي ، و تخلف وراءها جرحا لا يندمل أبدا ، لغرورق عيناي بالدموع ، و يثكل قلبي بالأحزان ، و تهجر البسمة شفتاي ، ليسكنهما طعم الألآم المر كالعلقم لا يغادرهما و لو لبرهة . ما أزال أذكر تلك الدموع تتلظى جمرا منهمرا من تلك المآقِ المتلألئة ، ليلون الألم و الجزن صفحة ذلك اليوم بسواد اليأس و ظلمته ، فيترك في قلبي نقطة سوداء لا يمكن محوها أبدا . كان صباحا مغمورا بالسعادة و الفرح ، و بدا يوم كأي يوم مر من قبله ، حتى سمعنا الألم يعزف لحنه على أوتار مسدساتهم الملعونة المدوية ، ليقتحم الأعداء بيتنا ، و يحرقوا كل معاني الأمن و الفرح التي إحتوت ذلك المنزل يوما ما، فيحطموا جدران بيتنا و يحطموا معه أحلامنا ، و يسرقوا تلك البسمة العذبة البريئة من على وجوه أطفال في عمر الزهور ، أطفال كنت أنا منهم ، و كانوا هم أعز ما أملك ، هم و أمي و أبي الذين وقفا كالجبال الشامخة لا تنحني أمام الريح العاصفة مهما هبت ، فلم يهابا جورهم ، و أبيا الإستسلام أمام ظلمهم و عدوانهم ، ليحميانا بقلبيهما قبل دمائهما ، و يسقطان ضحية ذلك الظلم و الجور ، فيلحقا بشهداء المسلمين تاركينا مشردين وحدنا بذكريات تلطخت بدمهما الطاهر ، لتتناثر في الهواء مثل وريقات الخريف ، و لا يبقى سوى هذا الملجأ الذي يضمنا ليكون مأوانا بعد تفتت تلك الأحلام العذبة ، لأظل أنا هنا أروي حكايتي لأنسام الشتاء الباردة ، و أكفكف دموعي المنهمرة كالأنهار . و أختي الصغيرة قد غادرت الكلمات و ودعت الحروف شفتيها ، لتأبى الكلام و لو بهمسة ، و منذ ما حدث ، لم أسمعها تنطق بحرف واحد ، غير أنين دموع محترقة على خدها الناعم . أما أخي الصغير ، فقد تعلق بأقلام التلوين و بدأ يرسم .. !! ، و ما يزال يرسم منذ ذلك الوقت ، يرسم الرسمة نفسها التي كان يرسمها قبل الحادثة المشؤومة ، رسمة البيت الذي يتوسط الصفحة البيضاء و تزينه الأشجار و تحوم حوله العصافير بسعادة ، و تشرق الشمس كنجمة مغروزة في قلب سماء تلك اللوحة ، و يعيد الرسمة نفسها كل مرة ، غير أنه ما يزال حائرا ، بأي يلون يصبغ سماء تلك الصفحة .. ؟! ..
لكن لا ، لن يستمر الأمر هكذا ، لا يمكن أن يضيع كل شئ هكذا ! ، حان الوقت لأحطم ذلك اليأس الذي غرقنا فيه ، و لأغير ملامح تلك اللوحة البائسة التي استقرت عليها حياتنا ، و في دقائق معدودة ، و تحت جنح الليل ، أصطحبت أخوتي و هرعنا خارج ذلك السجن الذي كان يقيدنا ، لنعود لمنزلنا المتهدم من جديد ..
و هناك ، افترش أخي العشب و عاد إلى ألوانه و لوحته الملونة مجددا ، أما أختي فأخذت تتأمل المشهد و تجهش بالبكاء ، و تركتهم خلفي و أخذت أتجول في ثنايا هذا الحطام المهجور ، لألون تلك الذكريات على صفحتي من جديد ..
و من وسط تلك الجدران المتطامية ، أشرقت شمس الفرحة في صدري ، و شهق قلبي من ما رأيت ، أشرقت زهرة عطرة من بين ثنايا التراب تحت جدار متهدم ، لتشق دربها عبر ظلمته و تواجه نور الأمل لتحمو وحشة الخوف و الوحدة ، و تقول للعالم أجمع طالما ما زال الزهر يزهر و ما زالت الشمس تشرق ، ما زال هناك أمل جديد ! ، أحسست بالفرح يحيل دمعتي إلى بسمات عذبة لم أذق طعمها الحلو منذ وقت طويل . فاجأتني أختي بعدها تهمس بسرور " زهرة ! " ، لأول مرة أسمع صوتها العذب في أصداء أذناي منذ ذلك الوقت ، أما أخي فكان ما يزال منهمكا بالتفكير " بأي لون ألون السماء .. ؟ .. "، فانطلقت أختي تناديه في بهجة ، لأغرق أنا في عبق ذكرى تلك الأيام ، و أغفو على رثاء تلك الزهرة التي أشرقت تواسينا بأمل جديد ، و ما كادت فرحتي تكتمل ، حتى تبدت معالمها بطلقة نار مزقت تلك البسمات البريئة ، لأجد الدماء على إثرها تنساب من أختي . هرولت إليها و نبض قلبي يرتجف فزعا ، و بت أصيح فيها : " فرح .. فرح .. أجيبيني .. ! " لترد علي و قد أرتسمت البسمة على ملامحها البريئة : " أخيرا تحقق حلمي يا أمل .. سألحق بأمي و أبي .. لا تنسيني يا أمل .. " ، شعرت بالألم يعتصر قلبي و أنا أفقدها و هي بين يدي ، و أراها تضيع مني و لا أملك أن أفعل لها أي شئ ! . و لم تمضِ اللحظات ختى أحسست بيدي أخي الصغيرتين تمسكان بيدي ، فإذا بي أراه قد غرق في بحر من دماءه المنهمرة ، و هو يهمس لي : " أنظري يا أمل إلى لوحتي .. الآن عرفت بأي لون ألون السماء .. " و كانت اللوحة مغمورة بدمه الصافي ، لأفقد أمل حياتي الوحيد في لحظة واحدة .. أيعقل هذا !! . و صرخت : " أخوتي لا تتركوني أرجوكم " ، و لم يجبني أحد سوى صدى صرخاتي المتألمة ، لتمر الأحداث أمام عيني في لحظة بلا تهاية .. أمي ، أبي ، أخوتي ، أحلامي ، ذكرياتي ، و كل شئ .. كل شئ صار ظلاما دامسا لا يبصر في صفحاته بصيص ضوء أو أمل ، و حتى الدموع تلاشت في ذلك الألم الصامت ..
الآن ، لا أريد سوى أمنية واحدة ، أمنية أخيرة فقط يا الله ، أريد أن ألحق بهم ، أريد أن أكون معهم ، فإن كانت تلك هي النهاية ، فلن أسطر كلماتها إلا بصحبتهم ، و بات قلبي ينزف الدمع وابلا من فضة متلألئة ، و فجأة ، تحقق رجاءي و أمنيتي ، و أحسست برصاصة غرزت في قلبي، لقد أهدوني أجمل هدية ، لألحق بأحبائي في الجنة مع الشهداء ، و أخيرا سيجتمع شملنا من جديد ، شملنا الذي فرقته الأيام ها هنا ، فما كان له إلا أن يجتمع في جنات النعيم ، فما أجمل من هذه خاتمة و لا تهاية . تساقطت في خفة أرضا وسط أخوتي ، لتروي دماءنا هذا التراب الذي لعبنا عليه يوما ، لتتوارى تحته ذكرياتنا ، و لتكون آخر كلمة أختم بها سطور قصتي و أودع بها هذه الحياة ، " الحمدلله .. الحمدلك يا رب .. ! .. " .. ======================================================== | |
|
3yo0onalmaha Admin
المساهمات : 29 تاريخ التسجيل : 23/05/2008 العمر : 28
| موضوع: رد: عطر التراب السبت مايو 24, 2008 2:32 pm | |
| مشكوووره مره على المواضيع ياعمري | |
|
M!s$ djjah
المساهمات : 23 تاريخ التسجيل : 23/05/2008
| موضوع: رد: عطر التراب السبت مايو 24, 2008 2:34 pm | |
| يـ ع ـطيج الـ ع افيــــهـ حبيبتي وننتظــر جديدج | |
|
Dior 99
المساهمات : 106 تاريخ التسجيل : 23/05/2008 الموقع : =========
| موضوع: رد: عطر التراب السبت مايو 24, 2008 3:33 pm | |
| | |
|